languageFrançais

جدل هدم نزل البحيرة: بين رمزية المعمار وحاجة العاصمة لمشاريع جديدة

بعد أكثر من عشرين عامًا من غلقه، عاد نزل البحيرة المعروف لدى التونسيين بـ"الهرم المقلوب" إلى صدارة النقاش العام مع انطلاق أشغال هدمه مؤخرًا.

المبنى الذي كان يومًا ما عنوانًا للجرأة المعمارية في السبعينات، أصبح مع مرور الزمن بناية مهجورة ومحل جدل بين من يدعو للحفاظ عليه كمعلم رمزي، ومن يرى أن موقعه الاستراتيجي يفرض إقامة مشروع جديد يواكب تطورات الحاضر.

عميد المهندسين: المبنى لم يعد يواكب السياحة ولا يرقى إلى أثر تاريخي

عميد المهندسين التونسيين محسن الغرسي أكد في تصريح لموزاييك أن نزل البحيرة بُني في سبعينات القرن الماضي على يد المهندس الإيطالي رافاييل كونتيجاني، وكان يُعتبر حينها مشروعًا معماريًا جريئًا. لكنه شدّد على أنّ "الواقع تغيّر اليوم، فالمبنى لم يعد يواكب متطلبات السياحة العالمية ولا يمكن تصنيفه أثرًا تاريخيًا تونسيًا، باعتبار أنّ عمره لم يتجاوز المائة عام وأن من صممه ليس تونسيًا".

ويرى الغرسي أنّ تونس والعاصمة بالخصوص في حاجة إلى مشروع ضخم وحديث قادر على تحسين الصورة واستقطاب المستثمرين والسياح، مضيفًا: "مصلحة البلاد تقتضي هدم هذه البناية وتعويضها بمشروع معماري ذي مردودية". كما دعا إلى إطلاق مسابقة معمارية دولية من أجل تصميم مشروع يجمع بين الأصالة والحداثة ويمنح العاصمة رمزية جديدة.

مصدر إزعاج وخطر أمني

في المقابل، اعتبر عضو المجلس المحلي بباب بحر، معز بن عثمان، أن النزل لم يعد سوى هيكل مهجور منذ أكثر من عقدين، وقد تحوّل إلى مصدر إزعاج للمتساكنين ونقطة سوداء في قلب العاصمة. وأكد أنّه تم استغلاله في أنشطة غير قانونية وفق تقارير أمنية، ما زاد في تعقيد وضعه.

وأشار بن عثمان إلى أنّ قرار الهدم جاء بعد استيفاء كل الإجراءات القانونية، حيث تم تكليف خبراء لتقييم المبنى وأثبتت تقاريرهم عدم صلوحيته، مضيفًا أنّ المستثمر الجديد قدّم مجسمًا أوّليًا لمشروع سياحي وتجاري سيُعرض قريبًا على العموم، وسط وعود بخلق مئات مواطن الشغل المباشرة وغير المباشرة.

من أيقونة السبعينات إلى جدل الحاضر

حين افتُتح في سبعينات القرن الماضي، كان نزل البحيرة المعروف بـ"الهرم المقلوب" علامة فارقة في المشهد المعماري التونسي بواجهته المعكوسة الفريدة. المبنى احتضن أكثر من 400 غرفة وأربعة أجنحة فاخرة موزعة على عشرة طوابق تطل مباشرة على بحيرة تونس، واستقبل على امتداد السبعينات والثمانينات وفودًا رسمية وشخصيات عالمية بارزة. غير أنّ سنوات الغلق والإهمال أفقدته بريقه، ليصبح اليوم محور جدل واسع بين من يعتبره جزءًا من ذاكرة العاصمة، ومن يرى أنّ موقعه الاستراتيجي يستحق مشروعًا عصريًا يفتح صفحة جديدة لتونس.


كريم وناس